arab publishers

المنبر الحر



زوجة الأب .. الأم الثانية

منذ صغري وأنا أفكر في الدور العظيم الذي قامت به السيدة " ام البنين " عليها السلام حينما أصبحت أماً ثانية لأولاد الزهراء ( عليها السلام )..
كنت اسمع كثيراً عن معاناة الأبناء مع زوجات آبائهم وأتساءل : لماذا لا تصبح  بقية النسوة ( زوجات الآباء ) كتلك المرأة الفاضلة (( أم البنين )) عليها السلام ؟
 كبرتُ وكبرت معي تطلعاتي وثقافتي وصرت اقرأ كثيراً عن النساء في الإسلام فعرفت أن أم البنين هي المرأة التي اختارها الأمام علي ( عليه السلام ) لتنجب له ولداً اسمه العباس يكون سنداً وعضداً لأخيه الحسين ( عليه السلام ) في يوم الطف .
وكنت أقف مذهولة أمام موقفين لأم البنين .. الأول عندما دخلت لأول مرة بيت الزهراء فوقعت عيناها على الحسن والحسين وكانا ما يزالان صغيرين فانحنت تقبل أياديهم وتقول : أنا هنا خادمة لكم !
والموقف الثاني عندما جاءها الناعي لينعى لها فقد أبناءها وصار يعدد لها أسمائهم واحداً تلو الآخر .. فإذا بها تخبره بأنها  تريد فقط اخبار الحسين !
 استمر التساؤل يطرق باب أفكاري بين فترة وأخرى : هل سأجد امرأة تعامل ابناء زوجها كما عاملت أم البنين أبناء علي والزهراء ( عليهما السلام ) ؟
ام هل هناك ( زوجة اب ) تتخذ من ام البنين قدوةً لها وأسوة في إغداق أبناء زوجها بالحب والحنان ؟
وأخيراً جاء اليوم الذي أجابني فيه الزمان عن سؤالي المحيّر ! كنت حينها في بداية مرحلة الشباب حينما كانت لي صديقة أحببتها كثيراً لصدقها وأمانتها وقد أخبرتني في أحد الأيام الدراسية بأنها ستذهب إلى البصرة في هذه العطلة ، قلت لها : ولكن لماذا ؟
قالت : لأرى أمي !
قلت بدهشة : لكن ماذا تفعل امكِ في البصرة ولقد رأيتها يوم امس في بيتكم عندما جئتُ اليكِ عصراً ؟
قالت بابتسامتها الجميلة : لكن هذه ليست أمي ؟
أدهشتني إجابتها تلك وشرعت بالسؤال مرة أخرى : ومن تكون اذاً ؟
-         إنها زوجة أبي ؟
-         ولكن الم تناديها بماما ؟
-          نعم صحيح لأني اشعر بأنها أمي الحقيقية !
-         وأمكِ ؟
-         في البصرة .. متزوجة ولها أولاد !
-         وأخوتك الذين أراهم كل يوم .. هل هم من أمك هذه أم من تلك ؟
-         كلنا من تلك الأم .. لكن زوجة ابي هي التي ربتنا وتعبت علينا ، فهي ليس لديها اولاد !
-         لقد افترق والدينا منذ كنا صغاراً وعادت امي الى بيت اهلها في البصرة وتزوج ابي من هذه المرأة التي حسبتيها امي الحقيقية !
-         ولكن الم تؤذيكم في تصرفاتها او تسمعكم كلاماً جارحاً .. كباقي زوجات الآباء ؟
-         لا ابداً ، هل تصدقينني لو قلت لك بأننا نحبها اكثر من والدتنا وعندما نذهب الى البصرة نبدأ بحساب الدقائق واللحظات لنعود ونرتمي في احضانها من جديد !
وهنا وعند هذه النقطة من الحديث -  اخي القارئ الكريم – اكتشفت بانني كنت مخطئة عندما نظرت الى جميع زوجات الآباء بأنهن قاسيات ولا يحبنَّ اولاد ازواجهن كما تعرض لنا شاشات التلفاز يوميا ً !!
وبعد ان مضت سنين على تلك الحادثة اقول هنا واؤكد ومن خلال ملاحظاتي الشخصية بأن هناك عشرات النسوة المؤمنات جعلن من ( ام البنين )  قدوة لهن  في معاملاتهن مع ابناء الأزواج  ، وفي المقابل فما زالت هناك الكثير الكثير من اللواتي يعتبرن انفسهن مطيعات لله وملتزمات بأوامره لكننا لا نراهن يرعوين في معاملتهن لأبناء الأزواج وكأن الله جعلهن السيدات وجعل ابناء بعولتهن الخدم والعبيد !!
فأين هن من تلك المرأة التي تخاطب اولاد زوجها بالقول : انا هنا خادمة لكم ؟!
وأخيراً نخاطب كل زوجة اب تعترض على هذا الكلام .. ان كنتِ تقولين : تلك ام البنين واولاد زوجها هم ائمة معصومون لذلك اعتبرت نفسها خادمة لهم ، فنقول : نحن لا نريد منكِ ان تكوني خادمة لهم بقدر ما نريد ان تكوني أماً ثانية تُشعريهم بالحنان الذي فقدوه وبالحب الذي هم بحاجةٍ اليه وان لا تتسلطي عليهم كتسلط الحاكم الظالم على رقاب شعبه !
 و على كل زوجة أب ان تتذكر دائماً قول الإمام علي ( عليه السلام ) :
( اذا دعتك قدرتك الى ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك )


 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes تعريب : ق,ب,م